إن الله سبحانه جعل الفتنة والإبتلاء ملازمة للمؤمنين لا بد أن تحصل لهم
ولا يستفيد منها إلا من صبر وثبت أو أحدثت له الفتنة إنابة ورجوعاً إلى
الله عز وجل.
وقد ثبت الرسول صلى الله عليه وسلم والرعيل الأول على ما اعترضهم من فتن ومحن فاستفادوا منها عزماً وتصميماً على مواصلة الجهاد واستفادوا منها توبة وإنابة ورجوعاً إلى الله فهو الملجأ والمغيث في جميع الأحوال إلى غير ذلك من الفوائد القيمة وذلك لإدراكهم لحكم الفتن والابتلاءات ولمعرفتهم بربهم وللغاية من خلقهم فكل ما كان العبد بالله أعرف كان على قضائه أصبر ولأمره أطوع .
يقول ابن القيم والصبر على البلاء ينشأ من أسباب عدة:
أحدها: شهود جزائها و ثوابها.
الثاني: شهود تكفيرها للسيئات و محوها لها.
الثالث: شهود القدر السابق الجاري بها وأنها مقدرة في أم الكتاب قبل أن يخلق فلا بد منها فجزعه لا يزيده إلا بلاء.
الرابع: شهوده حق الله عليه في تلك البلاوى وواجبه فيها الصبر بلا خلاف بين الأمة أو الصبر والرضا على أحد القولين فهو مأمور بأداء حق الله وعبوديته عليه في تلك البلوى فلا بد له منه وإلا تضاعفت عليه.
الخامس: شهود ترتبها عليه بذنبه كما قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } فهذا عام في كل مصيبة دقيقة وجليلة فشغله شهود هذا السبب بالاستغفار الذي هو أعظم الأسباب في دفع تلك المصيبة قال على بن أبي طالب مانزل بلاء إلا بذنب ولا رفع بلاء إلا بتوبة.
السادس: أن يعلم أن الله قد ارتضاها له واختارها وقسمها وأن العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيده ومولاه فإن لم يوف قدر المقام حقه فهو لضعفه فلينزل إلى مقام الصبر عليها فإن نزل عنه نزل إلى مقام الظلم وتعدي الحق .
السابع: أن يعلم أن هذه المصيبة دواء نافع ساقه إليه الطبيب العليم بمصلحته الرحيم به فليصبر على تجرعه ولا يتقيأه بسخطه وشكواه فيذهب نفعه باطلاً .
الثامن: أن يعلم أن في عقبى هذا الدواء من الشفاء والعافية والصحة وزوال الألم ما لا تحصل بدونه فإذا طالعت نفسه كراهة هذا الدواء ومرارته فلينظر إلى عاقبته وحسن تأثيره قال الله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون وقال تعالى فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً وفي مثل هذا قال القائل:
لعل عتبك محمود عواقبه .... وربما صحت الأجسام بالعلل
التاسع: أن يعلم أن المصيبة ما جاءت لتهلكه وتقتله وإنما جاءت لتمتحن صبره وتبتليه فيتبين حينئذ هل يصلاح لا ستخدامه وجعله من أوليائه وحزبه أم لا فإن ثبت اصطفاه واجتباه وخلع عليه خلع الإكرام وألبسه ملابس الفضل وجعل أولياءه وحزبه خدماً له وعوناً له وإن انقلب على وجهه ونكص على عقبيه طرد وصفع قفاه وأقصى وتضاعفت عليه المصيبة وهو لا يشعر في الحال بتضاعفها وزيادتها ولكن سيعلم بعد ذلك بأن المصيبة في حقه صارت مصائب كما يعلم الصابر أن المصيبة في حقه صارت نعماً عديدة وما بين هاتين المنزلتين المتباينتين إلا صبر ساعة وتشجيع القلب في تلك الساعة .
والمصيبة لا بد أن تقلع عن هذا وهذا ولكن تقلع عن هذا بأنواع الكرامات والخيرات وعن الآخر بالحرمان والخذلان لأن تقدير العزيز العليم وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
العاشر:أن يعلم أن الله يربي عبده على السراء والضراء والنعمة والبلاء فيستخرج منه عبوديته في جميع الأحول فإن العبد على الحقيقة من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال وأما عبد السراء والعافية الذي يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه فليس من عبيده الذين اختارهم لعبوديته فلا ريب أن الإيمان الذي يثبت على محل الابتلاء والعافية هو الإيمان النافع وقت الحاجة وأما إيمان العافية فلا يكاد يصحب العبد ويبلغه منازل المؤمنين وإنما يصحبه إيمان يثبت على البلاء والعافية فالابتلاء كير العبد ومحك إيمانه فإما أن يخرج تبرا أحمر وإما أن يخرج زغلاً محضاً وإما أن يخرج فيه مادتان ذهبية ونحاسية فلا يزال به البلاء حتى يخرج المادة النحاسية من ذهبه ويبقى ذهباً خالصاً .
ومما يعين على الصبر والثبات عند حلول الشدائد والمحن معرفة الإنسان بطبيعة الحياة الدنيا وأن حياة الإنسان محفوفة بالمتاعب والمشقة { لقد خلقنا الانسان في كبد} ومعرفة الإنسان بنفسه وأنه هو وما يملك ملك لله عز وجل يفعل به مايريد { وما بكم من نعمة فمن الله }
ويقينه بالفرج من الله تعالى { فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً } وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لن يغلب عسر يسرين .
واقتدائه بأهل الصبر والعزائم الذين لهم لسان ذكر طيب { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم }.
وشدة حذره من الآفات العائقة عن الصبر كالاستعجال والغضب غير المحمود والحزن والضيق واليأس .
وبإلقاء نظرة على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه تجد أنهم قد صبروا وثبتوا في العهد المكي لصنوف العذاب والابتلاء حتى صلب عودهم واستطاعوا أن ينشروا الإسلام في مدة وجيزة في بقاع كثيرة والأمثلة على ثباتهم لا تحصى .
فمن الأمثلة على ثبات الرسول صلى الله عليه وسلم وربطة جأشه وأنه لا تزلزله الخطوب والمحن ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد قال لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً.
فهل بعد هذا الثبات والصبر من المصطفى صلى الله عليه وسلم من ثبات !! رجل مهيض الجناح قد عذب وشرد وحوصر وفعل بأصحابه كذلك بل قتل بعضهم في التعذيب ثم يمكنه الله من الانتقام بدون مشقة عليه أو كلفة ولكنه لا ينتقم ويكظم غيظه ويصبر على ما أصابه وكذلك الصحابة الذين رباهم صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين .
وقد ثبت الرسول صلى الله عليه وسلم والرعيل الأول على ما اعترضهم من فتن ومحن فاستفادوا منها عزماً وتصميماً على مواصلة الجهاد واستفادوا منها توبة وإنابة ورجوعاً إلى الله فهو الملجأ والمغيث في جميع الأحوال إلى غير ذلك من الفوائد القيمة وذلك لإدراكهم لحكم الفتن والابتلاءات ولمعرفتهم بربهم وللغاية من خلقهم فكل ما كان العبد بالله أعرف كان على قضائه أصبر ولأمره أطوع .
يقول ابن القيم والصبر على البلاء ينشأ من أسباب عدة:
أحدها: شهود جزائها و ثوابها.
الثاني: شهود تكفيرها للسيئات و محوها لها.
الثالث: شهود القدر السابق الجاري بها وأنها مقدرة في أم الكتاب قبل أن يخلق فلا بد منها فجزعه لا يزيده إلا بلاء.
الرابع: شهوده حق الله عليه في تلك البلاوى وواجبه فيها الصبر بلا خلاف بين الأمة أو الصبر والرضا على أحد القولين فهو مأمور بأداء حق الله وعبوديته عليه في تلك البلوى فلا بد له منه وإلا تضاعفت عليه.
الخامس: شهود ترتبها عليه بذنبه كما قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } فهذا عام في كل مصيبة دقيقة وجليلة فشغله شهود هذا السبب بالاستغفار الذي هو أعظم الأسباب في دفع تلك المصيبة قال على بن أبي طالب مانزل بلاء إلا بذنب ولا رفع بلاء إلا بتوبة.
السادس: أن يعلم أن الله قد ارتضاها له واختارها وقسمها وأن العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيده ومولاه فإن لم يوف قدر المقام حقه فهو لضعفه فلينزل إلى مقام الصبر عليها فإن نزل عنه نزل إلى مقام الظلم وتعدي الحق .
السابع: أن يعلم أن هذه المصيبة دواء نافع ساقه إليه الطبيب العليم بمصلحته الرحيم به فليصبر على تجرعه ولا يتقيأه بسخطه وشكواه فيذهب نفعه باطلاً .
الثامن: أن يعلم أن في عقبى هذا الدواء من الشفاء والعافية والصحة وزوال الألم ما لا تحصل بدونه فإذا طالعت نفسه كراهة هذا الدواء ومرارته فلينظر إلى عاقبته وحسن تأثيره قال الله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون وقال تعالى فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً وفي مثل هذا قال القائل:
لعل عتبك محمود عواقبه .... وربما صحت الأجسام بالعلل
التاسع: أن يعلم أن المصيبة ما جاءت لتهلكه وتقتله وإنما جاءت لتمتحن صبره وتبتليه فيتبين حينئذ هل يصلاح لا ستخدامه وجعله من أوليائه وحزبه أم لا فإن ثبت اصطفاه واجتباه وخلع عليه خلع الإكرام وألبسه ملابس الفضل وجعل أولياءه وحزبه خدماً له وعوناً له وإن انقلب على وجهه ونكص على عقبيه طرد وصفع قفاه وأقصى وتضاعفت عليه المصيبة وهو لا يشعر في الحال بتضاعفها وزيادتها ولكن سيعلم بعد ذلك بأن المصيبة في حقه صارت مصائب كما يعلم الصابر أن المصيبة في حقه صارت نعماً عديدة وما بين هاتين المنزلتين المتباينتين إلا صبر ساعة وتشجيع القلب في تلك الساعة .
والمصيبة لا بد أن تقلع عن هذا وهذا ولكن تقلع عن هذا بأنواع الكرامات والخيرات وعن الآخر بالحرمان والخذلان لأن تقدير العزيز العليم وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
العاشر:أن يعلم أن الله يربي عبده على السراء والضراء والنعمة والبلاء فيستخرج منه عبوديته في جميع الأحول فإن العبد على الحقيقة من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال وأما عبد السراء والعافية الذي يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه فليس من عبيده الذين اختارهم لعبوديته فلا ريب أن الإيمان الذي يثبت على محل الابتلاء والعافية هو الإيمان النافع وقت الحاجة وأما إيمان العافية فلا يكاد يصحب العبد ويبلغه منازل المؤمنين وإنما يصحبه إيمان يثبت على البلاء والعافية فالابتلاء كير العبد ومحك إيمانه فإما أن يخرج تبرا أحمر وإما أن يخرج زغلاً محضاً وإما أن يخرج فيه مادتان ذهبية ونحاسية فلا يزال به البلاء حتى يخرج المادة النحاسية من ذهبه ويبقى ذهباً خالصاً .
ومما يعين على الصبر والثبات عند حلول الشدائد والمحن معرفة الإنسان بطبيعة الحياة الدنيا وأن حياة الإنسان محفوفة بالمتاعب والمشقة { لقد خلقنا الانسان في كبد} ومعرفة الإنسان بنفسه وأنه هو وما يملك ملك لله عز وجل يفعل به مايريد { وما بكم من نعمة فمن الله }
ويقينه بالفرج من الله تعالى { فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً } وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لن يغلب عسر يسرين .
واقتدائه بأهل الصبر والعزائم الذين لهم لسان ذكر طيب { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم }.
وشدة حذره من الآفات العائقة عن الصبر كالاستعجال والغضب غير المحمود والحزن والضيق واليأس .
وبإلقاء نظرة على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه تجد أنهم قد صبروا وثبتوا في العهد المكي لصنوف العذاب والابتلاء حتى صلب عودهم واستطاعوا أن ينشروا الإسلام في مدة وجيزة في بقاع كثيرة والأمثلة على ثباتهم لا تحصى .
فمن الأمثلة على ثبات الرسول صلى الله عليه وسلم وربطة جأشه وأنه لا تزلزله الخطوب والمحن ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد قال لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً.
فهل بعد هذا الثبات والصبر من المصطفى صلى الله عليه وسلم من ثبات !! رجل مهيض الجناح قد عذب وشرد وحوصر وفعل بأصحابه كذلك بل قتل بعضهم في التعذيب ثم يمكنه الله من الانتقام بدون مشقة عليه أو كلفة ولكنه لا ينتقم ويكظم غيظه ويصبر على ما أصابه وكذلك الصحابة الذين رباهم صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين .
0 التعليقات:
إرسال تعليق